انهال عليه الجاني بهراوة وحاول زرع الخنجر في صدره هنا حاولوا اغتيال الشيخ عبد الحميد بن باديس
صفحة 1 من اصل 1
انهال عليه الجاني بهراوة وحاول زرع الخنجر في صدره هنا حاولوا اغتيال الشيخ عبد الحميد بن باديس
كانت الساعة تشير إلى ما بعد صلاة العشاء من ليلة شتوية قاتمة من عام 1926 عندما كان الشيخ عبد الحميد بن باديس، وهو في سنه 37، عائدا إلى بيته بنهج السود بحي القصبة في قسنطينة حيث قدم درسا ليليا لتلامذته وصلّى العشاء جماعة في مسجد سيدي قموش وعاد عبر منحدر يدعى " مايو " .
*
وبينما كان الشيخ كعادته يتمتم بتسبيحات وتهليلات، فاجأه رجل غريب كان متخفيا في الظلام وراح ينهال على رأسه بهراوة أصابته فتهاوى على الأرض، وهنا أخرج المجرم خنجرا من النوع البوسعادي كان يحمله بيده اليسرى وحاول أن يزرعه في صدر الشيخ الذي فقد توازنه، لكن العلامة ابن باديس قاوم بشجاعة، والتحق جيران الشيخ بمسرح الجريمة وتمكنوا من تحييد المجرم الذي حاول الهروب، لكن رفقاء الشيخ ألقوا عليه القبض ونقلوه إلى مركز الشرطة .
*
في مركز الشرطة اعترف الجاني بأنه هو من حاول قتل الشيخ واتضح خلال التحقيق بأن المجرم تابع للطريقة العليوية التي كانت في ذلك الوقت في صراع فكري مرير مع الشيخ عبد الحميد بن باديس، أحد أكبر المحاربين للطرقية.
*
وكانت تلك الطريقة في العشرينيات تحارب كل رجالات جمعية العلماء المسلمين قبل أن يحدث الصلح في الزيارة الشهيرة للشيخ عبد الحميد بن باديس إلى مستغانم، حيث التقى بشيخ الزاوية بن عليوة الذي توقف منذ زيارة بن باديس إلى مستغانم عن ذكر بعض الخزعبلات التي ذكرها الشيخ أحمد حماني في كتابه الشهير "البدعة والسنة" نقلا عن جريدة "الشهاب" التي دوّنت حادثة محاولة الاغتيال عام 1926 بقلم العالم مبارك الميلي، كما عادت للحادثة الصحافة الفرنسية المحلية في عدد 30 جويلية 1927 في صحيفة "لاديباش دوكونستانتين".
*
معركة الشيخ الإعلامية مع أهل البدع لم تطل الشيخ بن عليوة فقط بل شملت الجميع، وتمكن ابن باديس من جعل مدينته الأولى قسنطينة عاصمة للنقاء قبل أن يرحل 14 سنة بعد محاولة اغتياله .
*
وعاصر ابن باديس أحد أكبر المشعوذين ومدعّي معرفة الغيب في ذات المدينة وهو الشيخ الطاهر، الذي يقال بأنه قرأ منذ العشرينيات من القرن الماضي مصير الجزائر المستقلة عندما تحدث عن الرؤساء السبعة الأوائل الذين يحكمون الجزائر، لكن الشيخ عبد الحميد بن باديس كان يرفض الحديث معه وأغلق الباب في وجهه رغم أن الشيخ الطاهر كان يمر على المسجد الذي يصلي فيه الشيخ وهو مكتظ بطلبة العلم والمعارف ويقول : " المساجد مملوءة والقلوب الفارغة " .
*
والغريب أن الشيخ عبد الحميد بن باديس ترك قسنطينة بدون مشعوذين والآن وبعد مرور سبعين عاما عن رحيله صار البعض يردد ويحفظ تكهنات وخزعبلات الشيخ الطاهر أكثر من مقولات الشيخ عبد الحميد بن باديس.
*
وحاربت "الشهاب" بعد محاولة الاغتيال بأكثر شدة وحزما الطرقية، وكانت تنقل تجاوزات شيخ الطريقة العليوية ومنها امتلاكه لمسكن فاخر يطل على البحر بالجزائر العاصمة به جهاز تليفون لم يكن في متناول سوى الأوربيين، وأصبحت له مكاتب وتابعين في مختلف المدن والقرى الجزائرية ومنها برج بوعريريج التي ينتمي لها الشاب الذي حاول قتل ابن باديس .
*
واتضح في التحقيق بأن الجاني عاش لمدة ثلاث سنوات في مستغانم ثم عاد إلى موطنه وأسس مركزا طرقيا كان يطلب فيه من تابعي الطريقة العليوية أن يذكروا الله ألف مرة وأن يركزوا نظرهم في نقطة واحدة ليدخلوا عالما ميتافيزيقيا عجيبا.. حادثة محاولة الاغتيال مرت عليها الآن 84 عاما وبالإمكان أن نسأل أين هو الفكر الباديسي؟ وأين هو الفكر الطرقي؟ وأكيد أن للقارئ جواب لا اختلاف فيه .
مواضيع مماثلة
» يبدة يفقد ثقة ماتزاري مجددا والأمور تشتد صعوبة عليه في “نابولي”
» بلحاج لم يُقنع مرة أخرى ويجب عليه الاستفاقة قبـل فوات الأوان
» قادير يغادر سان رافائيل الأربعاء القادم، يتخلص من العكازتين، عائلته تؤانسه وسعدان يطمئن عليه
» بلحاج لم يُقنع مرة أخرى ويجب عليه الاستفاقة قبـل فوات الأوان
» قادير يغادر سان رافائيل الأربعاء القادم، يتخلص من العكازتين، عائلته تؤانسه وسعدان يطمئن عليه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى